الخميس، 15 سبتمبر 2011

ايها المواطن المصرى ...............نحن نشتغلك

أيها المواطن المصري : نحن نشتغلك !!!
تدوينة طبيب بمناسبة اعتصام الأطباء ... يمكن حد يفهم !!!!
=======================================
السادة مواطني جمهورية مصر العربية الكرام ..
بعد التحية ..
...يسرنا نحن ( منتسبي وزارة الصحة المصرية بداية من الوزير و حتى أصغر ممرض فى وحدة ريفية قروية ) أن نعلن لكم بكل صراحة .. أننا كنا بنشتغلكم ..
أعرف أنني لا يحق لي الحديث بصيغة الجمع .. من باب الواقعية .. و لكن وزارة الصحة علمتني كيف أصبح طبيبا اخصائيا رغم أني كنت لازلت طبيب امتياز .. و علمتني كيف اتحمل مسؤولية قرية تعدادها 50.000 نسمة وحيدا رغم كوني تخرجت منذ شهور .. و علمتني كيف اصبح مسؤولا صحيا عن التراخيص التجارية رغم كوني تخرجت منذ شهور أكثر قليلا مما سبق .. و علمتني كيف اصبح رئيسا للقسم فى مستشفى .. رغم كوني لم أبدأ التخصص منذ أكثر من شهرين .. و علمتني كيف أصبح مراوغا ملاعبا فضفاضا هلاميا فى تعاملي مع الوثائق الحكومية و الشكاوى الوهمية ... علمتنى وزارة الصحه كيف أصبح طبيبا فاشلا و فهلويا حذقا و فتاءا من الطراز الأول ..
أعرف أنك كنت تشك منذ فترة طويلة أنك تتعرض للنصب من وزارة الصحه .. لكنك بالتأكيد لا تشعر بكم الاشتغالات التي تتعرض لها يوميا .. سواءا فى مستشفى حكومي أو خاص .. فى وحدة صحية أو مستشفى للتكامل الصحي .. فى مستشفى جامعي أو حتى تعليمي .. الموضوع صار حقا مفزعا .. وحين انتفض الاطباء لاعلان الاضراب اعتراضا على أمور خاصة مثل المرتبات و توفير الامن فى المستشفيات .. و أمور عامة ما كان لنا ان نعترض عليها مثل سوء ادارة المستشفيات و عدم توافر الامكانات الطبية ... اتهمنا الكثيرون بالشغب و اللامبالاه و الاتجار بأمراض الناس .. و كأننا صرنا أعداءكم .. رغم أن سؤالا بسيطا كان ليكون كافيا لمعرفه المسؤول الحقيقي عن المشكله ... فقط اسأل نفسك ؟ .. لو كان الاطباء كما تتصورهم .. مستغلون جشعون نصابون .. فلما نكلف انفسنا عناء الاعتصام و قطع الارزاق .. لما نتحمل دعوات المرضى و سخطهم .. لما نتحمل مواجهات قانونية شرسه مع مديرينا و صراعات واضطهادات لا تتوقف عقب كل اعتصام ... لو كنا نجد ما يكفي نفقاتنا .. لو كنا نجد الامان الذي يضمن لنا عملنا فى هدوء .. لو كنا حتى نعتقد أننا وإن ضحينا بكل هذا فنحن نقدم لك خدمه صحية جيدة ترضى غرور انسانيتنا .... لما اعتصمنا !!
سيدي المواطن .. أنت يتم اشتغالك .. وإليك بعض التلميحات ..
1) المستشفيات الحكومية العامة منها والمركزية : * المبدأ العام للعلاج فى المستشفى الحكومي أنها مجانية .. مادامت الدولة لاتوفر التأمين الطبي لكل المواطنين كما فى الدول المحترمة .. لكنك تفاجأ انك تدفع مبلغ يقارب 250 جنيه فى الولاده الطبيعيه و 500 فى القيصرية و 50 جنيه لعمل اشعه على العظام و 50 جنيه لعمل جبس صغير و 150 جنيه لطهور طفل .. لتفاجأ ان المستشفى العام او الحكومي الذي انشأته الوزارة من أجلك أنت .. هو استغلال لمرضك .. لتفاجأ بعدها بعبارة ( اللى معوش ميلزموش ) على شفاة كل مدير مستشفى .. و كم رأيت مرضى فقراء تدمى لهم العيون .. يقفون على ابواب مديري المستشفيات يترجون الحصول على تخفيض (وليس مجانية العلاج) لانهم لايقدرون على دفع ثمن جبس أو اشعه .. وأقسم لك أنني اضطررت شخصيا لاجراء كثير من الاجراءات العلاجيه مجانا دون علم المستشفى .. فى حين كنت اسدد العلاج من مالي الخاص فى حال مقدرتي على ذلك
* العيادات الخارجيه : مكان روتيني ممل .. يمارس فيه صغار الاطباء هوايتهم فى تقليد الكبار منهم .. الكشف على المرضى .. عمل الفحوصات والاختبارات التي لم تتح لهم الفرصه لادائها .. وتنتهى هذه الفقره فى النهايه بصرف دواء روتيني مفروض عليهم .. 3 أو 4 أصناف هي عادة المتوفرة فى صيدلية المستشفى والتي يتم صرفها دون غيرها لسببين : أولا أنها المتوفرة .. ثانيا : ان المريض المصري الفقير الذي دفع جنيه او ثلاثه جنيهات ثمنا للكشف لن يتنازل عن الذهاب الى بيته بدون علاج .. وقد يفتعل مشكلة كبيرة اذا لم يحصل على العلاج .
* قسم الاستقبال والطوارىء : و هي السيرك .. التي يتفنن فيها الطبيب الشاب (لأنها غالبا ما تخلو من الاخصائيين) فى ممارسة الطب .. وسط جهله بكثير من الامور .. و افتقاره الى كثير من الاجهزة والادوات .. و جو الارهاب الذي يمارس ضد الطبيب والتمريض من اهل المرضى .. والتبريرات والشروحات التي يضطر الى تقديمها لأهل المريض فى حال اعتراف الطبيب بوجود قصور فى المستشفى وحاجته الى الانتقال الى مستشفى جامعي او تعليمي ذو امكانيات اكبر ... ومن أكثر ما اصبح يميز قسم الطوارىء .. هو ما تلاحظه حين تدخل الى المستشفى لعلاج طفلك او صديقك من جرح قطعي .. و يخبرك الطبيب ان عليك احضار (خيط طبي) من الصيدلية خارج المستشفى لعدم توافر خيط التجميل المناسب .. لتكتشف ان ثمن امبول الخيط الواحد قد يصل الى 30 جنيه .. و لتعرف الحقيقه (التي لن يخبرك بها إلا نحن) أن هذه الخيوط من المستلزمات التي تنفق عليها الوزارة آلاف الجنيهات .. لكن الساده مسؤولي التوريد يهتمون بمصالحهم و سبوبتهم على اهتمامهم بالمرضى .. فيتم توريد كمية كبيرة من الخيوط التي تصلح (رباط جزم) بدلا من توفير الخيوط الرفيعة التي تستخدم بكثره .. والنتيجه .. مخازن ممتلئة بالخيوط التي لا تستخدم حتى تتلف (لأن لها تاريخ صلاحيه) .. ومريض ينفق من جيبه الخاص تكاليف علاج هي من واجبات المستشفى والوزارة فى الاساس
* قسم الداخلي : اي الاقسام التي يتم حجز المريض بها حتى ينتهي من فترة علاجه المفترضه .. والمضحك فى الموضوع ان هذه الاقسام هي اماكن استشفاء .. لكنها تتحول الى اماكن استمراض .. فهي لا تحتوي على اي وسائل النظافة الاولية .. والوقاية من البكتيريا .. بل الادهى والامر .. أن المستشفيات تطلب من الاهالي احضار مواد التنظيف للحفاظ على نظافه العنبر والحمامات .. برغم ان المستشفى تصرف بندا كبيرا ( نظافه عامه ) لا تعلم انت تحديدا اين تذهب مصاريفه .. ومن اكثر ما يؤلمني .. أنه حين تطلب من اهل مريض (تعرف أنت ان تلوث جرحه و طول فتره بقاءه ف المستشفى سببه قذارة العنبر) ان يغادور المستشفى الى المنزل .. تكتشف ان شكووى طويلة ومحترمه قد قدمت فيك الى ادارة المستشفى تتهمك فيها بتطفيش المرضى !! .. ولتعرف ايها المريض ان فى كل قسم داخلي شخص يسيطر عليه اسمه ( السكرتير ) .. وهي غالبا فتاة لعوب .. تتفنن فى توفير طلبات المريض واهله .. لكن هذه العلاقه اللزجه ليست بريئة .. ان صورت لك سذاجتك ذلك .. فهذه السكرتيره سرعان ما ستطلب منك النجاة بمريضك من المستشفى الى عيادة الدكتور فلان .. الذي سيهتم بكم و يقدم لكم افضل خدمه بافضل سعر .. لتفاجأ بعدها ان هذه السكرتيره تحصل على نسبه كبيره من السيد الدكتور صاحب العياده !!
2) الوحدة الصحية : هي مكان تنشؤه وزارة الصحه لنوعين من الافراد :
* طبيب قديم متمرس .. قضى سنوات عمره فى هذه الوحده الريفيه .. وحولها الى مستشفى خاص .. يمارس فيها هذا الطبيب الحاصل على البكالوريوس فقط كل فنون الطب .. اعتمادا على خبرات سابقه ( كان قد شاهدها فى مستشفى او فيلم اجنبي ) .. ويصبح بعد فتره هو عمدة القرية الطبي و حكيمها الذي لا يعرف اهل القرية تحديدا قدراته .. لكنهم يفهمون انه كويس و ابن حلال .. دون ان يبرروا كميه العاهات والوفيات التي خرجت من تحت يديه .. ربما لاعتقادهم ان عمرهم كده .. أو انها قضاء وقدر
* طبيب شاب حديث التخرج .. انهى سنوات دراسته الست .. وسنة التدريب (الامتياز) .. ليجد نفسه ملقى فى وحده صحيه ريفيه .. وحيدا .. مع بعض الممرضات الطاعنات فى السن .. اللاتي يدربنه على كيفيه (تضبيط) المريض .. و (تحزيم) الزبون .. للوصول الى نتائج مقبولة .. تجعله يحافظ على احترامه كطبيب .. وعلى سجله خاليا من الوفيات لاقصى مده ... ليقضى الطبيب سنوات التكليف تلك .. دون ان يتعلم حرفا واحدا .. ربما لا يتعلم سوى اسلوب التعامل مع المرضى بحرفنه .. او اسلوب عمل كوب شاي مضبوط .. او اسلوب خبر الفرن فى الافران البلدي
3) المستشفيات الجامعيه :هي المكان الذي تتوجه فيه الى المستشفى لتعالج بالمجان (وإن كان معدش بالمجان) .. لتعرف انك تسلم نفسك الى اطباء (حديثي التخرج) يتعلمون ما درسوه فى الطب عليك .. ورغم عدم انسانية الوضع من الناحيه النظريه .. الا انه عمليا الطريقه الوحيده للتعليم وانتاج اطباء .. فى اعتى الدول المتقدمه .. يمارس الاسلوب نفسه .. المستشفى التعليمي .. مع فارق وحيد .. أن المستشفى التعليمي يعني وجود مريض .. و طبيب مًعلم .. و طبيب متعلم .. أما فى مصر .. فهي تتكون فقط من مريض و طبيب متعلم .. دون وجود من يعلم (طول الوقت) و بالتالي .. يضطر الطبيب المتعلم الى تعلم الطب لوحده .. التجربه .. يا تصيب يا تخيب .. وربما اهم نصيحه تحصل عليها من الطبيب الاكبر سنا هي .. دوس و متخفش .. احنا هنغطيك .. يعني اذا اخطأت فى مسشفى جامعي سيهب اساتذه القسم كافة للتغطيه عليك .. واخراجك من الموضوع مثل الشعره من العجين !!
المصائب أكثر وأكبر من ذلك بكثير .. لكن المهم فى الموضوع أننا نتفنن يوميا فى اشتغال الزبون المصري الملقب باسم المريض .. إلا من رحم ربي .. ومن رحم ربي خرج اليوم معلنا اضرابه عن العمل .. رغبة فى تحقيق تطورات شخصيه لنفسه .. و تحقيق خدمه طبيه افضل .. بعيدا عن الاشتغالات و الفهلوة .. مطالب الاطباء لم تخرج عن حلول لما طرحته من مشاكل .. فنحن لم نسعى سوى إلى مرتبات تليق بالطبيب وتجنبه الفهلوة على المرضى وسرقة الحالات لعيادته الخاصه .. ولم نطلب أكثر من توفر الامن الذي يحمي الطبيب اثناء عمله ف المستشفى .. ولم نطلب اكثر من ادارة طبيه تقدر المريض وتعرف كيف توفر له متطلبات علاجه .. كيف ترفق بحاله .. كيف تدير منشأة صحيه نظيفه .. تعالج المرض ولا تنقله .. لم نطلب اكثر من نظام تعليمي سليم .. فى كافة مستشفيات مصر .. يضمن تقديم خدمات صحيحه لا تؤذي المريض ولا تنتهك آدميته !!
نحن نريد خدمة صحية أفضل .. فإن كان تقديرنا هو الطريق .. فالخدمة الصحية الآدمية التي تستحقها هي ما ستلمسه أنتَ من نتيجه !!